الخميس، 14 مايو 2009

الخائفون لا يرثون

. رأفت فهيم جندى, رئيس تحرير جريدة الأهرام الجديد الكندية Sample Image

دخل الخوف الى العالم بعد الخطيئة فقال ادم للرب "سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ لانِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَاتُ." والفكر المسيحى يصف الخوف بانه ضعف إيمان, وسفر الرؤية ينذر الخائفين بأنهم لن يرثوا الحياة الابدية "وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي"...

والكتاب المقدس يقول دائما وبتعبيرات مختلفة. "لا تَخَفْ لانِّي مَعَكَ" وكلمة لا تخف ذكرها الكتاب المقدس مئات المرات...

والسيد المسيح ظهر لبولس برؤيا فى الليل وقال له "لاَ تَخَفْ بَلْ تَكَلَّمْ وَلاَ تَسْكُتْ". والقديس بولس يقول أننا لم نأخذ روح العبودية لنخاف بل روح البنوة للرب الأله أبينا...

حتى العلاقة بالرب الأله فبدايتها خوف وفى عمقها محبة تطرد الخوف, وسليمان الحكيم يقول "رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ" بمعنى بدايتها, ولكن القديس يوحنا يقول بعد اكتمال الأيمان "لاَ خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ، بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَنْ خَافَ فَلَمْ يَتَكَمَّلْ فِي الْمَحَبَّةِ." والقديس الأنبا انطونيوس قال أنه لا يخاف الله, ثم اكمل وقال "لأننى احبه والمحبة تطرد الخوف." وهذا بالطبع يفرق تماما عن عدم خوف الشرير من الله بروح الشر لأنه لم يصل لبداية معرفته للرب...

والشيطان يحاول دائما أن ينشر الخوف بين الناس, ومن الأمثال الشعبية "من خاف سلم" وربما يكون هذا المثل أتى بعد الغزو العربى لمصر والخوف من السيف. وتبرير الخوف يأتى ايضا فى امثال شعبية "الذى لدغته حية يخاف من الحبل"...

البعض يحاول أن ينفى عن نفسه تهمة الخوف من عدم الكلام عن اضطهاد الأقباط فى مصر, ويبرر خوفه بآيات أخرى عن الحكمة أو الخضوع للرئاسات وكأنه يحاول خداع نفسه وخداع الرب الأله. ولقد استخدام ابليس آيات الكتاب المقدس بطريقة خاطئة ايضا فى التجربة على الجبل ولكن السيد المسيح صحح لنا المفاهيم بآيات أخرى.

والبعض يبرر خوفه من الأشرار بأنه مسالم ولا يهاجم أحدا وفى نفس الوقت يسمح بالهجوم على من يطمئن قلبه ناحيتهم بأنهم غير اشرار...

الحكمة فى الكلام تأتى من أختيار الألفاظ والأوقات المناسبة وليس عن خوف من رد الفعل, والخضوع للرئاسات والسلاطين يكون فى عدم التآمر عليهم وقلب النظام أو الانشقاق عليه سواء كان نظاما مدنيا ام كهنوتيا. وكان يوحنا المعمدان غير متآمر على هيرودس الملك ولكنه كان مجاهرا بخطأ هيرودس, وكان ايليا لا يدبر مكيدة للملك آخاب ولكنه مجاهرا بخطأ عبادة آيزابل للبعل ووصف الملك أخاب بأنه مكدر لإسرائيل...

والسيد المسيح كان متحننا ورفوقا على الخطاة مثل السامرية وغيرها ولكنه كان كان شديدا مع الرؤساء ومنذرا لهم بالويلات الشهيرة, وايضا وصف الملك هيرودس بأنه ثعلب...

بعض الخائفين لا يكتفون بخوفهم الذى هو ضعف إيمان بل يستخدمهم ابليس لينشروا ايضا عدوى الخوف بين الناس, ومنهم من يطعن الكنيسة ايضا ويُطلق عليهم مجموعة "اليهوذات" جمع يهوذا الخائن...

حتى القديسون مروا باوقات خوف يعبر عن فترة ضعف إيمان, ايليا هرب يطلب سلامة نفسه, داوود تظاهر بالخبل والعبط ليطلقوا سراحه, بطرس انكر المسيح, معظم التلاميذ هربوا وقت الصليب...

جميعنا تحت الضعف ولكن تبرير الضعف والخوف بأنه حكمة او خضوع للرئاسات والسلطات يؤدى لاستمرار الضعف فينا وايضا لعدم استخدامنا لوزناتنا التى اعطيت لنا...

المؤمن الحقيقى يواجه ضعفه ويعترف به ويطلب قوة الإيمان من الرب الأله الذى يعطى بسخاء ولا يعير..

ليست هناك تعليقات: